قِراءةٍ شِعرية للشاعر خَالد عَرَباسِي، بقلم: صفاء ابو فنة
صفاء ابو فنة وخالد عرباسي
هو شاعِرٌ يَعْزِفُ هَمَساتَهُ عَلى قِيْثَارَةِ السّنا وَيُرتّلُ شَاعِريّتَهُ فِي مُفْتَرَقِ الشَّوْقِ عِنْدَ هُطُولِ أَوّلِ الحُبّ، يُرَتّلُها حِيْنَ يَتَعمّدُ النّور المَلائِكِيّ مِنْ نَدَى الصّباح الشَذِيّ. شَاعِرٌ يَصِفُ لَنا مَسافَةَ الطّرِيقِ وَدَمْعَةَ سُنْبُلةٍ تَتَلظّى فِي حُقُولِ الحَرِيقِ، شَاعِرٌ يَشُدّ وِثاقَه يُعَانِقُ السّماءَ بِرَحابَةٍ صَدْرٍ وَيَصنَعُ مِنْ عِظَامِهِ مِعْوَلاً لَيَحفُرَ النّفَقَ كَي نَعْبُرَ بِسَلامٍ إِلَى جُسُورِ الفَضِيْلَةِ والوِئام. شَاعِرٌ يُخَاطِبُ العُقُول النّيْرَةَ والأَخلاقَ النَبِيْلَةَ مُؤدّيًا رِسالَتهُ فِي العِلْمِ والتّعلِيم .
الأُسْتَاذ خَالِد عَرَباسِي إِبن قَرَيتِنا الحَبِيْبَة، أَسْكَنَ اللّيالِي هُدُوءها، قَطَف النّجُوم التّي يُغْرِيها تَسرْبُلُ الضّيِاء فَكَتبَ عَنْ الحَياءِ والحَياةِ عَنْ السّكْرَةِ والمَماتِ قَائِلًا:
احْفَظْ مَاءَ وَجْهكَ مَا اسْتَطعتْ ... تَعِشْ بَيْنَ الآنامِ مُبَجّلًا مهَابا
وَسِرْ قُدُمًا وَلا تَنْتَظِرْ وَراءكَ ... فالْمَوْتُ حَقٌّ وَلَوْ تَعدّدتْ الأَسْباب
لَطالما كانَ يَرْتَطمُ قَارِب الشّاعِر بَمَساحَةٍ مِنْ هَوامِشِ الصّدَى مِنْ أَمْواجٍ تُصَارِعُ مَرْكَبَهُ وَهُو. فِي حَيْرةٍ مِنْ أَمْرِه فَما بَينَ الفَضِيْلةِ والفضِيْلَةِ أُناسٌ تَزْرعُ بُذُورَ الرّذِيْلَة، تُشَتّتُ بَراعِمَ النّورِ وَتُصافِحُ الرّذِيْلَة والذّلَ والهَوان أُنَاسٌ تُعَكّرُ جَمالَ الصّفَاءِ وَتُكَدّرُ لَوْنَ الغُيُوم.
وكَأنّ لِسانَ حَالِهِ يَقُولُ:
عِشْ كَرِيمًا وانْفُضْ غُبَارَ الذُّلّ ... عَنْ عُيُونِ الأَوهامِ والسّمَرِ
ولا تُعَانِدْ حَبّاتِ رُوحِ النّدى...وافْتَرِشْ أَنْهارَ المَدى العَطِرِ
إِنّ عَاطِفَة الشّاعِر الدّيْنِيّة عَاطِفَةٌ زَكِيّةٌ وَقَويّة تَسْكُنُ فِي فِكْرِهِ وَوجدانَهِ وَوُجُودِه وَأَصالَتِهِ تَتَجلّى فِي صَفَحاتِ عَقْلِهِ وَترتَسمُ عَلى شَفَتيهُ الإِبْتِسامَة وَحدَقاتُ عَيْنَيهِ الذّكِيّة تَدُورُ يُمْنَةً وَيُسْرَةً فَلا تَلْوِي عَلى شَيء فَكأَنّ صَرْخَتَهُ اسْتَجابَتْ لِنَداءِ عَقْلِهِ وقَلْبِهِ الإِيمانِي. إِيمانًا رَاسِخًا بِأنّ المَخْرَجَ هُوَ الصّدْقُ أَوْ الحَقّ، لَقَد تَرجمَ مَشاعِرَهُ فِي عِباراتٍ مُرَكّزَةٍ تَمَسّ إِحساسَ الْوَعِي والإِدراكِ فَوثّقَ ذلكَ قَائِلًا:
تَنْمُو المَحَاسِنُ والخُلُق الفَضِيل ... طَوِيلِ البَاعِ والمُرُوءةُ مِنْ صِفاتِهِ
وَقَصِيْرُهُ عَبثًا إِصلاحُهُ والتّعْدِيل ... حَسَنُ الخُلُقِ أَدِيبٌ بِطَبعِه
وسَيْئهُ لَا يَنْفَعهُ التّطْبِيعُ والتّعْدُيل ... نَديّ الجَبِينِ جَمالُهُ فِي حَيائِهِ
وَكالِحُ الْوَجهِ للوَقاحَةِ يَمِيل ...
يَسْتَقرِئ الشّاعِرُ مَشاعِرًا عَذْبَةً نَدِيّةً وَيسْتَلهِمُ مِنْ وجٍدانِهُ عَوالمًا تُتَرْجِمُ ما اسْتَكنّ فِي نَفْسهِ مِنْ تَصدّعِ الآهاتِ الدّامِيّةِ الّتِي تَتَجندلُ صَرْعَى حَبِيْسَةَ الأَلَمِ والدّمُوع. فَتَغنّى عَلى مَعْزُوفاتِ الْوَطنِ عشْقًا وَهيامًا فَكَتبَ عَنْ هَمّهِ، عَنْ النّرْجِسِ المَذْبُوحِ وعَنْ فِتْنَةِ الرّذِيلَةِ والإِغْراءِ والإغَواءِ
وَكأنّ لِسانُ حَالِهِ يَقُولُ:
هَمٌ مُحكَمٌ الإِقْفالِ يُقَيّدُنِي ... والدّمْعُ المُلتَاعُ يغزُو أَوْرِدَتي
يَعْتَرِينِي نَزْفُ الشّوْكِ وَيَقتُلُنِي ... والغَصّة تَنْسابُ بِصَوْتِ حُنْجَرَتِي
كُحْل اللّيلِ يُظلّلُ مَوْجَ السّحُبِ ... وَتَشقّ التّبَاريِحُ صَدَى نَرْجِسَتِي
تَتَكسّرُ شُعْلَةُ نارٍ فَوْق المَدى ... تَحْتَرِقُ رَمَادِيّةً فِي صَنَوْبَرَتِي
مِنْ هٰذا المِنْبَرِ الكَريمِ أَتوجّه بِكلّ شُكْرٍ عَمِيق إِلى الأُسْتَاذ الشّاعِر خَالِد عَرَباسِي، لإبداعهِ وإصْدارِ دِيْوانهِ ( هَمَسات وَعُيُون الرّجاء ) الّذي عَرضَ فِيْها الشّاعِر لَواعجَ النّفس وتَرجمَ أَنِينها الفاظًا مُوحيّةً صادِقةً، نَحَتَفِي بِكَ بكُلّ الحُبّ والمَوَدّة والتّقْدِير وَنسأل الله تَعالى أَن يَمُدّ بِصحّتِكَ وَعافِيَتك
لنشر خواطركم، قصائدكم، وكل ما يخطه قلمكم أو ما تودون أن تشركونا به، أرسلوها إلى البريد الالكتروني panet@panet.co.il
لمزيد من مقهى بانيت اضغط هنا
- بعد التحيّة...زجلية بسيطة على شرف الكلاسكو الليلة - بقلم: زهير دعيم
- الانتخابات على الابواب والبحث عن النواب - بقلم : فادي مرجية
- أرى ما أرى - قصيدة ....خليل توما
- رواية جداريات عنقاء مرّة أخرى - بقلم: جميل السلحوت
- رائد محمد الحواري .. فلسطين: التتار الجدد في كتاب الناجيات بأجنحة مكسرة
- بدون مؤاخذة-جمهورية العشائر ودولة القانون ... بقلم: جميل السلحوت
- ظهيرتكم سلام...الأيام الخوالي وحلاوتها - بقلم: زهير دعيم
- الشاعر كمال إبراهيم يضغط على زناد الشعر في ديوان نسمة الروح - بقلم: الأديب الاعلامي نادر أبو تامر
- رثاء معلم ... الى أبا المأمون، بقلم : عطاالله الجبور
- تعالوا بنا نعيد للإنسان الفحماوي كرامته وحرمته - بقلم: تيسير سلمان